الأربعاء، 11 أبريل 2012

أقوال العلماء في علم ابن تيمية رحمه الله تعالى


بســم الله الرحمن الرحيــم
أحببت أن أتحدث عن أحد علماء أهل السنة والجماعة , وذلك لما رأيته من حقد دفين صدر عن كثير من أهل الملل والأهواء , وأهل الفرق المنحرفة , ضد هذا العالم الفذ من تشويه وتكفير وغير ذلك , ألا وهو شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى وقد استحق هذا الرجل لقب شيخ الإسلام بحق , ولا أرى نفسي أهلاً للحديث عن هذا الرجل , بل رأيت أن أجمع أقوال أئمة العلم الذين عاصروه من خصومه , ومن مناصريه . فهذا الرجل كما قال عنه الكثير من العلماء المعاصرين هو أمةً كاملةً لوحده , فرأيت أن أتحدث عن علمه وإدراكه . 
قال العلامة ابن دقيق العيــد رحمه الله تعالى لما سأل عن ابن تيمية : (( قال رأيت رجلاً سائر العلوم بين عينيه يأخذ ما شاء منها ويترك ما شاء ))

يقول الأمام الذهبي رحمه الله تعالى عنه : ((كان آية في الذكاء وسرعة الإدراك رأساً في معرفة الكتاب والسنة، والاختلاف، بحراً في النقليات، هو في زمانه فريد عصره علماً وزهداً وشجاعة وسخاء وأمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر وكثرة التصانيف وقرأ وحصل وبرع في الحديث والفقه وتأهل للتدريس والفتوى وهو ابن سبع عشرة سنة وتقدم في علم الأصول وجميع علوم الإسلام: أصولها وفروعها، ودقها وجلها سوى علم القراءات فإن ذكر التفسير فهو حامل لوائه، وإن عد الفقهاء فهو مجتهدهم المطلق، وإن حضر الحفاظ نطق وخرسوا وسرد وأُبلسوا واستغنى وأفلسوا وإن سمي المتكلمون فهو فردهم، وإليه مرجعهم، وإن لاح ابن سيناء يقدم الفلاسفة فلَّهم وتيَّسهم وهتك أستارهم وكشف عوراهم وله يد طولى في معرفة العربية والصرف واللغة، وهو أعظم من أن يصفه كلمي أو ينبه على شأوه قلمي، فإن سيرته وعلومه ومعارفه ومحنه وتنقلاته تحتمل أن توضع في مجلدتين وهو بشر من البشر له ذنوب فالله يغفر له ويسكنه أعلى الجنة فإنه كان رباني الأمة فريد الزمان وحامل لواء الشريعة وصاحب معضلات المسلمين، وكان رأسا في العلم يبالغ في إطراء قيامه في الحق، والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مبالغة ما رأيتها ولا شاهدتها من أحد، ولا لحظتها من فقيه )) . 

ويقول الذهبي في موطن أخر : (( وله خبرة تامة بالرجال وجرحهم وتعديلهم وطبقاتهم ومعرفة بفنون الحديث وبالعالي والنازل وبالصحيح وبالسقيم مع حفظه لمتونه الذي انفرد به، فلا يبلغ أحد في العصر رتبته، ولا يقاربه وهو عجب في استحضاره واستخراج الحجج منه وإليه المنتهى في عزوه إلى الكتب الستة والمسند بحيث يصدق عليه أن يقال: "كل حديث لا يعرفه ابن تيمية فليس بحديث" لكن الإحاطة لله غير أن يغترف من بحر، وغيره من الأئمة يغترفون من السواقي . وأما التفسير فمسلم إليه، وله في استحضار الآيات من القرآن - وقت إقامة الدليل بها على المسألة - قوة عجيبة، وإذا رآه المقرئ تحير فيه، ولفرط إمامته في التفسير وعظم إطلاعه يبين خطأ كثير من أقوال المفسرين ويوهي أقوالاً عديدة وينصر قولاً واحدًا موافقاً لما دل عليه القرآن والحديث. ويكتب في اليوم والليلة من التفسير أو من الفقه أو من الأصلين أو من الرد على الفلاسفة والأوائل نحوًا من أربعة كراريس أو أزيد، وما أبعد أن تصانيفه الآن تبلغ خمسمائة مجلدة، وله في غير مسألة مصنف مفرد في مجلد . 
قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى : (( فإن جماعة من محبي السنة والعلم سألني أن أذكر له ما ألفه الشيخ الإمام العلامة الحافظ أوحد زمانه، تقي الدين أبوالعباس أحمد ابن تيمية - رضي الله عنه - فذكرت لهم أني عجزت عن حصرها وتعدادها لوجوه أبديتها لبعضهم وسأذكرها إن شاء الله فيما بعد )) .

يقول الإمام الحافظ البزار وهو من كبار علماء الحديث عن ابن تيمية : ((أما غزارة علومه فمنها معرفته بعلوم القرآن المجيد واستنباطه لدقائقه ونقله لأقوال العلماء في تفسيره واستشهاده بدلائله وما أودعه الله تعالى فيه من عجائبه وفنون حكمه وغرائب نوادره وباهر فصاحته وظاهر ملاحته فإنه فيه من الغاية التي ينتهى اليها والنهاية التي يعول عليها 
 ولقد كان إذا قريء في مجلسه آيات من القرآن العظيم يشرع في تفسيرها فينقضي المجلس بجملته والدرس برمته وهو في تفسير بعض آية منها وكان مجلسه في وقت مقدر بقدر ربع النهار يفعل ذلك بديهة من غير أن يكون له قارئ معين يقرأ له شيئا معينا يبيته ليستعد لتفسيره بل كان من حضر يقرأ ما تيسر  ويأخذ هو في القول على تفسيره وكان غالبا لا يقطع إلا ويفهم السامعون أنه لولا مضي الزمن المعتاد لاورد أشياء أخر في معنى ما هو فيه من التفسير لكن يقطع نظرا في مصالح الحاضرين , ولقد أملى في تفسير قل هو الله أحد مجلدا كبيرا , وقوله تعالى الرحمن على العرش استوى نحو خمس وثلاثين كراسة , ولقد بلغني انه شرع في جمع تفسير لو أتمه لبلغ خمسين مجلدا , أما معرفته وبصره بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم  وأقواله وأفعاله وقضاياه ووقائعه وغزواته وسراياه وبعوثه وما خصه الله تعالى من كراماته ومعجزاته ومعرفته بصحيح المنقول عنه وسقيمه وبقية المنقول عن الصحابة رضي الله عنهم في أقوالهم وأفعالهم وقضاياهم و فتاويهم وأحوالهم وأحوال مجاهداتهم في دين الله وما خصوا به من بين الأمة فإنه كان رضي الله عنه من أضبط الناس لذلك وأعرفهم فيه وأسرعهم استحضارا لما يريده منه فإنه قل أن ذكر حديثا في مصنف أو فتوى أو استشهد به أو استدل به إلا وعزاه في أي دواوين الإسلام هو ومن أي قسم من الصحيح أو الحسن أو غيرهما وذكر اسم رواية من الصحابة وقل أن يسأل عن اثر إلا وبين في الحال حاله وحال أمره وذاكره , ومن أعجب الأشياء في ذلك أنه في محنته الأولى بمصر لما أخذ وسجن وحيل بينه وبين كتبه صنف عدة كتب صغارا وكبارا وذكر فيها ما احتاج إلى ذكره من الأحاديث والآثار وأقوال العلماء وأسماء المحدثين والمؤلفين ومؤلفاتهم وعزا كل شئ من ذلك إلى ناقليه وقائليه بأسمائهم وذكر أسماء الكتب التي ذكر فيها وأي موضع هو منها كل ذلك بديهة من حفظه لأنه لم يكن عنده حينئذ كتاب يطالعه ونقبت واختبرت واعتبرت فلم يوجد فيها بحمد الله خلل ولا تغير ومن جملتها كتاب الصارم المسلول على شاتم الرسول , وهذا من الفضل الذي خصه الله تعالى به , ومنها ما منحه الله تعالى من معرفة اختلاف العلماء ونصوصهم وكثرة أقوالهم واجتهادهم في المسائل وما روي عن كل منهم )) . 

يقول العلامة الزملكاني : ((لم ير منذ خمسمائة سنة أحفظ منه )) .

أكتفي بهذا القدر فأنا لم أكتب كلام جميع العلماء عنه حتى الآن فهذه نقطة من يم , وقليل من جم . فلم أذكر كلام ابن كثير , ولا كلام ابن القيم , ولا كلام الصفدي , ولا كلام السبكي وهو أحد خصومه , ولا غيرهم . هذا الرجل أعجوبة عصره هذا الرجل عقل متحرك , رحمه الله رحمةً واسعة وأسكنه فسيح جناته .  

الأربعاء، 4 أبريل 2012

قصة أرخميدس مع تاج الملك



بســم الله الرحمن الرحيــم
يحكى أن ملك سرقسطة هيروا , صنع له صائغاً تاجاً جديداً , لكن هذا الملك شك في أن هذا التاج ليس ذهباً خالصاً , وقد يكون مغشوشاً , فقام الملك بتكليف عالم الرياضيات والفيزيائي الإغريقي أرخميدس بأن يكشف له حقيقة هذا التاج , وهل من الممكن أن يكون هذا التاج مخلوطاً بشيء من الفضة التي تقل قيمتها عن الذهب , فكر أرخميدس في المشكلة وأطال التفكير , ولم يجد لها حل . 
بعدها قام أرخميدس بعقد مقارنة بين حجم التاج وبين حجم قطعة من الذهب الخالص لها نفس وزن التاج , مستدلاً على أن تاج الذهب سيكون له نفس الحجم , كما أستدل على أن أوقية الذهب سيقل حجمها عن أوقية الفضة , وذلك بسبب أن الذهب أثقل من الفضة , ومن ثم فتاج الذهب سيكون حجمه أقل من تاج له نفس الوزن , ولكنه مصنوع من الذهب والفضة معاً . 
كانت المشكلة أن يقوم بقياس حجم التاج , بسبب أنه يسهل حساب حجم قطعة ذهب ذات شكل منتظم , بخلاف التاج الذي كان شكله غير منتظماً إلى درجة لا تسمح بقياسه . 
ذات يوم كان أرخميدس يستحم في حوض الاستحمام فلاحظ أن مياه الحوض فاضت من فوق حافته حينما تمدد بداخله وتدفق على الجوانب , فاستدل على أن الماء المتدفق لو أنه حبس في إناء , وقيس حجمه فإنه سيكون مساوياً لحجم جسمه هو . 
انتبه أرخميدس لهذا الأمر وخطرت بباله فكره , وفرح فرحاً كبيراً لدرجة أنه خرج من الحوض دون أن يرتدي ملابسه , وكان يردد وجدتها , أي أنه وجد حلاً لمشكلة التاج , فقد قام أرخميدس بوضع التاج في الماء ثم تبين له أن التاج قد أزاح كمية أكبر من الوزن المساوي للذهب الخالص , اتضح أن الصائغ قد غش في التاج , ولم يكن التاج ذهباً خالصاً , بل كان مخلوطاً بالفضة , وهذا استنتاج جميل جداً يدل على ذكاء هذا الإغريقي في عصور ما قبل الميلاد .